لا أعتقد أن أحدا من قُرّائي الثمانين المنتظمين إنتظر مني يوما أن أقول له الحقيقة ، أعرف أن رغبتهم لا تتعدّى أن أقول لهم فقط ما أعرف وهم واعون أني لا أعرف الكثير ، واعون أن ما أعرفه قدلا يمت للحقيقة بأية صلة ، فحينما كنت قديما أنفرد وحدي بالموقع كنت دائما أبدأ بلازمة أقول فيها : " هنا أحفير : أحفيرليس كما هو في الحقيقة ، ولا كما هو في الواقع ، بل كما يراه عمرو جلول، فحذار لأن ما يراه عمرو جلول قابل للخطأ و للإنحياز"
ـ منذ أن أبتليت بهذه البلية ( الله يفو ) وأنا أتسائل : هل يمكن فعلا أن يكتب المرئ شيئا بدون انحياز ؟ كيف تكتب بدون أن تنحاز للحق أو لصديق أو لمرجعية أو لحزب ؟ كيف تكتب بدون حافز ؟ قد يكون أخلاقيا أو دعويا أو انتقاميا أو ارتزاقيا ، قد يكون نتيجة صحوة ضمير أو نتيجة طبسي طعام
ـ قد أكون مررت من جل هذه الدوافع ولكني أعتقد أن الدافع الطاغي هو اللهو واللعب ، مع ضرورة الإشارة أني ألهو في الجِدّ
ـ اليوم لا يمكنني أن ألعب ، ماتلي الحوت ، كيف يمكنني أن ألهو في الجد حينما لا يبقى هناك جد ؟ لم أعد أفهم شيئا ، البارحة بدأت حملة تقديم الاستقالات لأسباب لا يعلمها أحد بما فيهم ربما بعض من قدّموها ، عدد الاستقالات غامض كأصحاب الكهف ، هناك من يقول خمسة والسادس في الطريق و هناك من يقول ستة وسابعهم يفكر .. ، واليوم تبدأ حملة سحب الاستقالات لأسباب أكثر غموض من أسباب تقديمها
ـ اسمحولي قُرّائي الثمانين فلم تعد عندي سلعة أبيعها لكم ، لم أعد أفهم شيئا و صعب عني اللعب و اللهو
ـ سأعود للعب واللهو بعد أن ينتهي لعبهم ولهوهم ، رغم أن لعبنا يختلف ، أنا وأنت نلعب من أجل البلية والتسلية أو على أبعد تقدير لشرب مونادا كما يُروّج البعض ، أما هم فيلعبون من أجل تأهيل مدينة ، يصرخون ، يهرولون ، يتناشفون من أجلك و أجلي ، يترشحون ، يهندسون و يخططون لتقليص عرض الطرق و تفويت ما لا يُفوّت ، وأنا و أنت نتفرج ، نشرب مونادا ، نُصوت ، يستعملوننا كالماء لغسل الأواني أو يتوضأون بنا ثم يكبوننا في بوخرارب بعدما يتآمرون على تصغير حجم قواديسه
ـ نحن نلهو و نلعب و هم كذلك يلعبون ،الكل يلعب من موقعه ، يلعبون من أجل الربح تماما كمن يلعب التييرسي عند الرومية
نشر في موقع أحفير أوروبا يوم : 10/01/2012